ظاهرة تفشت في مجتمعنا وخصوصا في الآونة الأخيرة، فقد أصبحنا نعاني من اكتظاظ في المدن وإخلاء القرى، فكيف نفسر هذه الظاهرة؟ وما هي أهم أسبابها؟ وما هي الحلول المناسبة للحد من هذه الهجرة؟
هذه الأسئلة وأخرى تطرح نفسها في مجتمعنا المغربي فظاهرة الهجرة إلى المدينة برزت بشكل كبير، فلا نجد لها تفسيرا سوى بحث القروي عن فضاء واسع يمكنه من إبراز ذاته والانفتاح على الحضارة عن طريق المدينة فيضطر إلى الهروب من القرية متجها نحو المدينة، رغم أن القرية المغربية عرفت عدة تطورات وكذا ظهرت فيها مجموعة من البنيات التحتية التي كانت في القديم منحصرة على المدينة، إلا أن الإنسان القروي وخصوصا الشباب لا يردون البقاء في المكان الذي يعرف بالقرية وذلك لعدة أسباب أهمها البطالة، فهذه الأخيرة تلعب دورا أساسيا في هجرة الشباب، فالشباب لا يجد ما يعمل فيه في القرية فيضطر إلى البحث عن العمل في المدينة حتى وان كان ذلك بأجر هزيل.
أما السبب الثاني فهو البحث عن المدارس والجامعات فالمدرسة القروية كما هو معلوم في بلدنا لا يوجد فيها حتى كراسي للجلوس وأربعون تلميذا في فصل واحد فكيف ستكون هذه الدراسة على هكذا حال، وبما أن الابن أو الابنة ستذهب لدراسة في المدينة يضطر الآباء كذلك للذهاب معهم أو بمعنى أصح للهجرة مع أبنائهم هذه الأسباب وأخرى تعطي عدة نتائج سلبية على المدن أهمها ظهور مدن الصفيح على هوامش كل المدن المغربية فشوهت منظرها وأعطت صورة سلبية على بلادنا.
وأيضا بالنسبة للأسر التي تذهب بأكملها إلى المدينة بحثا عن عمل، تكون النتيجة أسرة مشردة في إحدى "براريك" من مدن الصفيح وأبناء ملوا من البحث عن العمل فأصبح هاجسهم الوحيد الحصول على المال حتى وان كان بطريقة غير شرعية فتفشت بذلك ظاهرة أخرى وهي الإجرام فتهميش الشباب بهذه الطريقة حقا سيوقع بلادنا في غزوة من العصابات تشكلت في الأساس عن طريق الهجرة.
وفي الختام لا أجد حلا للهجرة القروية سوى توعية شباب القرية بأهميتها في بلدنا وتدخل الجهات المختصة من اجل خلق مرافق عمل وكذا بنيات تحتية جيدة لجميع قرى الملكة من أجل الحفاظ على شباب القرية في قريتهم والنهوض بها إلى الأمام تفاديا لكل الأسباب المؤدية إلى الهجرةالقروية.